أحمد عايض الرايقي من
جدة: لم يخطر في بال المعلمة أم خالد أن زوجها أبو محمد سيطرق باب
الزوجة الثانية في يوم من الأيام، خصوصا وأنها وقفت معه منذ بداية زواجهما، وساعدته
براتبها الشهري الذي تتقاضه من الرئاسة العامة لتعليم البنات، قبل أن تدمج إلى
وزارة التربية والتعليم، كون راتبه قليل ولا يفي بمتطلبات الحياة الزوجية.
أنجب الزوجان البنين، ولكن بعد زواج دام أكثر من 15 سنة قرر
الزوج أن يتزوج من إمراءة أخرى، وسعى أن يبحث عن شريكة جديدة في حيهم لكن طلبه
دائما ما يواجه الرفض، إلى أن كتب الله النصيب في فتاة جامعية مطلقة في بيت إحدى
الأسر الطيبة في الحي المجاور له.
وحاولت الزوجة الأولى الاعتراض وتركت الأبناء
له، وفي ليلة العرس والاحتفاء أخذت الزوجة أولادها وزارت مسجد النبي في المدينة
المنورة كونه لا تستطيع أن تحتمل منظر زوجها وهو يشبك يده في يد امرأة أخرى، ومع
مرور الأيام هدأت الزوجة ولكن لازالت الأمور تشوبها شوائب.
تلك المشكلة هي حلقة
من مسلسل تعدد الزوجات، وكل حلقة تختلف عن الأخرى في أدوارها، وأنماطها ما بين مؤيد
ومعارض ومناقض.
ويلاحظ نفسيون ومختصون أن موضوع تعدد الزوجات من أهم المسائل
التي باتت تؤرق الزوجات في الآونة الأخيرة، وأرق الزوجات ليس بما ورد في القرآن
الكريم الذي أكد أن الشرع يحل للرجل أربع زوجات ولكن وفق ضوابط وشروط معينة، ولكنه
بسبب اتجاه أزواجهن إلى الزواج من الثانية والثالثة، ومنهم من طرق باب الزوجة
الرابعة دون مراعاة لمشاعر الزوجة الأولى، أو لعدم وجود سبب حقيقي يجعله يتزوج
الثانية.
فمن تجبره الظروف على فعل ذلك عليه الالتزام بأهم ما يكون في الزواج
وهو العدل ما بين الأولى والثانية أو ما بين الثلاث أو الأربع، فالمولى عز وجل شرع
تعدد الزوجات واشترط العدل ومن لا يستطيع فعل ذلك فعليه بالزوجة الواحدة.وتؤكد الدكتورة فاطمة العتيبي أنه سمعت وتابعت حالات عن مشاكل الزوجة الثانية،
فالقصص كثيرة، منها "إحدى قريباتي وهي ملكة في الجمال على رغم سنها الأربعيني، أكدت
أن زوجها الذي يكبرها بسنة فجأها بعد 20 سنة من زواجهما يخبرها أن هذا المساء زواجه
فسقطت مغشيا عليها وعندما فاقت تركت له المنزل والأولاد على رغم أنها ساهمت في نصف
العمارة، وسكنت لوحدها تاركة له الجمل بما حمل حتى الأولاد، خصوصا وأنها ساعدته
براتبها حيث كان مجموع راتبيهما يصل قرابة الـ 30 ألف ريال، واستطاعا عبر السنين أن
يكونا استثمارا جيدا، ومع مرور الأشهر الأولى تدخل أهل الخير وأصلحوا بينهم، ولكنها
تغيرت كثيرا، إذ تركت تربية الأولاد على الأب وتفرغت لنفسها وبات راتبها ملكها
وحدها، وظلت في الدور الأول والعروسة الثانية في الدور الثاني، ولكن الأبناء
كالعادة كانوا الضحية، لا سيما وان ابنتهما الكبرى التي عشقت كلية الطب، حولت من
هذا القسم إلى قسم علمي آخر، كونها لا تستطيع التركيز في ظل هذه المشاكل".
والقصص والأسباب كثيرة، ولكن لكل مشكلة حل فالزوجة الثانية أحيانا تكون الحل وفي
أحيان أخرى عكس ذلك.
وتؤكد فاطمة أن جدها كان متزوج من 4 نساء لكنه كان عادلا
فيهن ويخاف الله واستطاع أن يكون أسرة متفاهمة من أولاده وأحفاده، وقل أن نجد مثل
ذلك في الجيل الحالي.
ويؤكد الشيخ فالح الحربي أن الزواج حق مشروع وفطري، وكذلك
التعدد حق مشروع، ولكن وفق ضوابط وشروط شرعها وشرحها الدين الإسلامي، وبالتالي لأبد
أن يكون الرجل أكثر عقلانية في تصرفاته وقدومه على مثل هذه الخطوة وهو الشيء ذاته
عند الزوجة الأولى.
فالدين الإسلامي كفل لكل مشكلة حل، كما حذر الشيخ الحربي من
المستهترين بأمر الزواج خصوصا ممن يريدونه لأجل المتعة فقط، فالزواج ارتباط ومحرم
وسكنا وألفة ومحبة بين الزوجين.