تعودنا في مصر وتعودت الدول ذات الحضارات
العريقة أن تحتفظ بآثار كل من له فضل عليها، وكل من ساهم في تاريخها ولو
بشيء قليل وأمثلة ذلك كثيرة، فمنزل سعد زغلول أو بيت الأمة تحول إلي متحف،
وقريباً سيتحول منزل الرئيس جمال عبدالناصر إلي متحف أيضاً، ونحن في مصر
نحترم محمد علي باشا، ونحتفظ بآثاره الدينية والمدنية، بل نتفاخر
بها بين العالم، والقضية التي نحن بصددها لا تتعلق بآثار محمد علي في مصر،
بل في منزله الذي نشأ وتربي فيه، ويقع علي بقعة مرتفعة عن سطح الأرض في
مدينة قولة باليونان مسقط رأسه، وللقارئ الكريم أن يعرف أن لمصر أوقافاً
كثيرة خارجها، منها ما هو في اليونان وفي تركيا وغيرهما، وهي لا
تقل أهمية، بل تزيد عن الأوقاف المصرية المحلية، فهي واجهة حضارية لمصر في
دول العالم، ويندرج منزل محمد علي تحت هذه الأوقاف، ويعرف باسم «دار
جينتكمان» وكان يقصده اليونانيون أنفسهم كواحد من أهم المزارات السياحية،
خصوصاً أهل مدينة قولة، والسبب في ذلك أنهم يحبون محمد علي حباً كثيراً
دون غيره من عائلة العلوية، وذلك يرجع إلي أنه لما ولي حكم مصر لم
ينس مدينته التي نشأ فيها، بل أخذ علي عاتقه تجديدها وتحديثها والمشكلة في
هذا المنزل، الذي يتبع إدارة الأوقاف والخارجية المصرية أنه تم إيجاره إلي
سيدة يونانية تدعي آنا ميسريان قامت بتحويله علي مطعم!!، منزل
محمد علي صاحب التاريخ والإنجازات تحول إلي مطعم بعد أن كان مزاراً
سياحياً يتردد فيه اسم مصر!! الغريب في ذلك أن حق الانتفاع بالقيمة
الإيجارية لم يكن لمدة سنة أو سنتين، بل لمدة ستين سنة!! والمطعم مغلق طول
الشتاء، ولا يفتح إلا في أسابيع قليلة في الصيف، ولم تتدخل الإدارة
اليونانية بالطبع، لأن المنزل يخضع لإدارة الحكومة المصرية، أي فعل هذا
وأي تشويه لتاريخ رجل قدم لمصر الكثير والكثير بغض النظر عن سلبياته؟.. أي
تفريط هذا في حقنا وفي حق أوقافنا المصرية؟.. ولم يقف حد التشويه عند ذلك،
بل امتد لمنشأة أخري من منشآت محمد علي المصرية في قولة، وهي عبارة عن
مدرسة حربية تحولت إلي فندق والبقية تأتي!!أليس من حقنا أن نتيه
فخراً وعجباً بآثارنا؟ أليس لنا حق في أن يكون لنا تواجد خارج مصر، ولو
بكتل من الطوب أو الحجر يرفع فوقها علم مصر، تكون شاهداً لنا علي عراقتنا
وحضارتنا؟..
ده موضوع منشور فى جريدة المصرى اليوم