بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا أحب الصحابة .. الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
بقلم الدكتور : عائض القرني *
وجدو لذة العيش معه والأنس في قربه والرضا في رحابه
لقد جاء رسولنا صلى الله عليه وسلم إلى الناس بالدعوة الربانية , ولم يكن له دعاية من دنيا , فلم يلق إليه كنز , وماكانت له جنة يأكل منها , ولم يسكن قصراً , فأقبل المحبون يبايعون على شظف من العيش , وذروة من المشقة , يوم كانو قليلاً مستضعفين في الأرض يخافون أن يتخطفهم الناس من حولهم , ومع ذلك أحبه أتباعه كل الحب .
حوصروا في الشعب , وضسق عليهم في الرزق , وابتلو في السمعة , وحوربوا من القرابة , وأوذوا من الناس , ومع هذا أحبوه كل الحب.
سحب بعضهم على الرمضاء , وحبس آخرون في العراء , ومنهم من تفنن الكفار في تعذيبهم , وتأنقوا في النكال به , ومع هذا أحبوه كل الحب.
سلبوا أوطانهم ودورهم وأهليهم وأموالهم , طردوا من مراتع صباهم , وملاعب شبابهم ومغاني أهلهم ,
ومع هذا أحبوه كل الحب.
أبُتلي المؤمنون بسبب دعوته , وزلزلوا زلزالاً شديداً , وبلغت منهم القلوب الحناجر وظنوا بالله الظنونا ,
ومع هذا أحبوه كل الحب.
عُرض صفوة شبابهم للسيوف المصلته , فكانت على رؤوسهم كأغصان الشجرة الوارفة , وقُدم رجالهم للمعركة فكانوا يأتون الموت كأنهم في نزهة , أو في ليلة عيد , لأنهم أحبوه كل الحب.
يُرسل أحدهم برسالة ويعلم أنه لن يعود بعدها إلى الدنيا , فيؤدي رسالته , ويبعث الواحد منهم في مهمة ويعلم أنها النهاية فيذهب راضياً , لأنهم أحبوه كل الحب.
لماذا أحبوه ؟
ولكن لماذا أحبوه وسعدوا برسالته , واطمأنوا لمنهجه , واستبشروا بقدومه , ونسوا كل مشقة وجهد ومعاناة من أجل إتباعه ؟!
إنهم رأوا فيه كل معاني الخير والفرح , وكل علامات البر والحق , لقد كان آية للسائلين في معالي الأمور , لقد أبرد غليل قلوبهم بحنانه , وأثلج صدورهم بحديثه , وأفعم أرواحهم برسالته.
لقد سكب في قلوبهم الرضا , فما حسبوا للآلام في سبيل دعوته حساباً , وأفاض على نفوسهم من اليقين ما أنساهم كل جرح وكدر وتنغيص.
صقل ضمائرهم بهداه , وأنار بصائرهم بسناه , ألقى عن كواهلهم آصار الجاهلية , وحط عن ظهورهم أوزار الوثنية , وخلع من رقابهم تبعات الشرك والضلال , وأطفأ من أرواحهم نار الحقد والعداوة , وصب على المشاعر ماء اليقين , فهدئت نفوسهم , وسكنت أبدانهم , واطمأنت قلوبهم , وبردت أعصابهم.
وجدوا لذة العيش معه , والأنس في قربه , والرضا في رحابه , والأمن في إتباعه , والنجاة في إمتثال أمره , والغنى في الأقتداء به .
لقد كانوا سعداء حقاً مع إمامهم وقدوتهم , وحق لهم أن يسعدوا ويبتهجوا.
اللهم صل وسلم على محرر العقول من أغلال الإنحراف , ومنقذ النفوس من ويلات الغواية , وارض عن الأصحاب والأمجاد , جزاء مابذلوا وقدموا.
فعلا إنه خير المرسلين وسيد هذه الأمه اللهم إجعلنا سائرين على هداه .