قطع نضال المرأة في سبيل حصولها على حقها في العمل أشواطاً كبيرة،
وغدت تعمل في مختلف ميادين العمل. كما أن المجتمع أصبح يتقبل بشكل معقول
فكرة عمل المرأة، فأصبح أمراً عادياً أن نجد "العاملة في المصنع،
والمهندسة والطبيبة والمعلمة وغيرها من المهن". واحتلت المرأة مواقع عمل
كثيرة في مؤسسات الدولة، إلا أن وجودها في مواقع صنع القرار في تلك
المؤسسات مازال نادراً، وفي حال وجدت فغالباً ما يكون وجوداً غير فاعل.
فهل يتعلق الأمر بعدم ثقة المجتمع بقدرات المرأة على صنع القرار في تلك
المؤسسات، أم أن هيمنة الرجال على إدارة تلك المؤسسات وعدم تقبلهم لفكرة
مشاركة المرأة لهم في إدارتها هي السبب؟ أم أن طبيعة المرأة تجعلها فعلاً
لا تمتلك الكفاءة والمقدرة على إدارة وصنع القرارات؟
للوقوف على كل تلك
الجوانب، التقت "النور" المهندسة كاميليا عبد العزيز، معاونة المدير العام
لمؤسسة مياه الشرب والصرف الصحي في ريف دمشق، وكان الحوار التالي:
* كيف وصلت إلى موقع معاون مدير عام؟ وهل من صعوبات واجهتك كإمرأة؟
**
لقد وصلت إلى هذا الموقع عن طريق التسلسل الوظيفي، وتراكم الخبرة في العمل
نتيجة الجهود المضاعفة التي أبذلها في عملي. إضافة إلى طموحي لأن أكون في
موقع صنع قرار في المؤسسة. ولم تواجهني صعوبات تذكر لكوني امرأة، ولكنني
أعتقد أن المرأة حتى تصل إلى موقع صنع قرار وتستمر بنجاحها يجب أن تتمتع
بنظافة اليد والاستقامة، فالمرأة قد تصل إلى منصب ما بطرق ملتوية ولكنها
لا تستمر فيه، أما الرجل الذي يصل بطرق غير سوية فقد يستمر فترة أطول.
* ما الصعوبات التي تواجه المرأة عندما تكون في موقع صنع القرار؟
**
إن أكثر الصعوبات التي تواجه المرأة صاحبة القرار هي تعاملها مع أناس لهم
مصالح مادية مع المؤسسة "متعهدين وغيرهم"، وبرأيي الشخصي إن الرجل أقدر
على التعامل مع هؤلاء الناس من المرأة. أما في مجالات الدراسات والتخطيط
والتنفيذ، فالمرأة لديها القدرة على القيام بكل تلك الأعمال، وأحياناً
تكون أقدر من الرجل على القيام بها.
* بما أنك صانعة قرار في المؤسسة،
وقد تضطرين إلى العمل خارج أوقات الدوام "اجتماعات، جولات، حالات طارئة..
إلخ"، هل من تأثير لهذا العمل على وضعك في المنزل؟
** بما أنني وصلت
إلى موقع صنع قرار وراضية بهذا الموقع، فأنا أقوم بواجبي على أكمل وجه حتى
لو تطلب الأمر ذهابي بجولات، أو لحالات طارئة خارج أوقات الدوام، وهذه
الأمور تحصل كثيراً، وأنا لا أتلكأ عن الذهاب وإلا فما وصلت إلى هذا
الموقع.
* هل يتقبل زوجك طبيعة عملك؟ وهل يفضّل أن تكوني موظفة عادية عن أن تكوني صاحبة قرار؟
**
زوجي يرى أنه مادام لديّ طموح بالوصول إلى موقع أكون فيه صانعة قرار، فليس
لديه أي مانع أن أتابع طموحي، هو يشجعني على ذلك، لذا أرى أن الزوج له دور
كبير في نجاح المرأة التي تطمح بالوصول إلى منصب ما أو فشلها .
* هل يؤثر عملك على بيتك؟ وكيف توفقين بين العمل والمنزل؟ وهل يساعدك زوجك في قسم من أعمال المنزل؟
**
كسيدة منزل هناك أمور لا أستطيع متابعتها، ولكنني أعطي الأولية لأولادي
وعملي بنفس الدرجة من الأهمية. فأنا أحاول أن أوفّر لأولادي كل أسباب
الراحة والنجاح، وهذا غالباً ما يكون على حساب راحتي. فمثلاً بدلاً من أن
أذهب لزيارة معارفي، أخصص وقتي للترفيه عن أطفالي، وأنا مرتاحة بهذا
الوضع. أما بالنسبة لزوجي، فهو لا يساعدني في الأعمال المنزلية، ولكن له
فضلاً كبيراً عليّ في تحقيق هذا التوازن بين عملي وبيتي.
* من الذي ساهم في دفعك لتكوني صاحبة قرار؟
*
والدي أعطاني دفعاً كبيراً في عملي، فوالدي كان يعمل متعهداً. وكان يحب
العلم للمرأة، وكان يشجعني على الدراسة وتعلم كل ما هو مفيد في الحياة
العملية. فقد علمني بنفسه قيادة السيارة، وكان سعيداً عندما دخلت كلية
الهندسة، وكان يأخذ برأيي كثيراً، وكان يخلق لديّ الحافز لكي أكون طموحة.
* ما هي الميزات الإيجابية لوجود المرأة في موقع صنع القرار برأيك؟
**
طبيعة المرأة "التي تنجب وتربي" لها سعة صدر، وهي دقيقة أكثر، وتهتم
بالتفاصيل أكثر من الرجل. لذلك من خلال ملاحظتها الدقيقة قد تكون قراراتها
صائبة أكثر من الرجل. كما أنها تتمتع بالرحمة، فعندما تكون هناك نواح
إنسانية فالمرأة تأخذ بها أكثر من الرجل. ففي مجال عملنا على سبيل المثال
"حصلت في فترة ما عملية تلوث في مياه الشرب، وحصلت حالات إسهال بين
الأطفال الذين يعيشون في منطقة التلوث، فلم أستطع ترك هذا الموضوع حتى
حُلّ بشكل جذري لأنني تصورت أطفالي مكان أولئك الأطفال.
* كيف ينظر المجتمع إلى المرأة العاملة عموماً؟ وكيف تشعرين بنظرته إليك كونك في موقع صنع قرار؟
**
نظرة المجتمع إل المرأة العاملة أصبحت نظرة إيجابية، وأظن أنه ما من منزل
يخلو من امرأة عاملة، وأن المجتمع قد وصل إلى قناعة بوجوب وجود المرأة إلى
جانب الرجل في العمل. أما بالنسبة لي، فقد وجدت تشجيعاً لي ممن حولي، وأجد
أن كثيراً من الناس يحبون التعامل معي أكثر من تعاملهم مع رجل، قد يكون
بسبب أن المرأة تتمتع برحابة صدر أكبر أو أنها تستمع أكثر لشكاوى
المواطنين.
* كيف ينظر إليك زملاؤك في العمل؟
** أغلب زملائي في العمل تعاملهم جيد جداً، ولكن لا يخلو الأمر من بعض الزملاء الذين لا يتقبلون أن يكون مديرهم في العمل امرأة.
* هل من كلمة أخيرة؟
**
إن المرأة عندما تختار هذا الطريق يجب أن تكون مقتنعة تماماً، ويجب أن
تخلق توازناً بين منزلها وعملها، أي يجب أن يكون أداؤها في العمل نفس
أدائها في المنزل، وبالتالي فإن اجتهدت في عملها على حساب بيتها، فستخسر
أسرتها وأولادها، وبالتالي ستحقق نجاحاً شخصياً لها على حساب أولادها،
وإنني أطلب من المجتمع أن يشدّ على يد المرأة في موقع صنع القرار، لأن
المجتمع سيكسبها ويكسب أولادها
موضوع: هذا رايي لعمل المراة 
الإثنين يناير 28, 2008 9:21 am
